السبت، 5 أبريل 2014

أولى أوّل ابتدائى : المقدمة

تمط منى شفتيها مرسلة قبلة لطفلها احمد من شباك فصله الجديد (اولى اول ) قائلة و على وجهها ابتسامه عريضه :  "باى يا حبيبى هاجيلك الساعة 2 بالظبط متخافش " فبادلها احمد الابتسامه و قد بدت على وجهه الفرحه اما منى التى كانت تطلب منه الا يخاف ففى الواقع هى التى كانت مرعوبه فهذا هو اول يوم دراسى لطفلها المدلل احمد و لكن الذى طمأنها قليلا هو ذلك الحماس الذى وجدت عليه طفلها للاندماج وسط كل هؤلاء الاطفال المحيطين به, تقلب منى نظراتها فى تلك الوجوه الصغيره و العيون الفضولية المليئه باسئلة الطفولة التى لا توجد لها اجابات فى معظم الاوقات و تتساءل يا ترى من منهم سيصبحون اصدقائك يا احمد ؟ اهو ذلك الطفل السمين ذو النظارات ؟ ام هو ذلك الطفل الاسمر الذى لا يكف عن الحركه ؟ ام هو ذلك الطفل ذو الشعر الخشن الذى يتدلى المخاط من انفه ؟ ام هو ذلك الملاك ذو الشعر الناعم المنسدل على جبهته ولا يكف عن البكاء بسبب افتقاده لامه ؟ ...

تبا لتلك الحيره يا ترى من من هؤلاء الاطفال سيكبر ليصبح دكتور و من سيصبح مهندس و من شرطي و من تاجر مخدرات و من قاتل .. آه لو كانت تعلم منذ تلك اللحظه مصائر اولئك الاطفال لاختارت له اصدقاءه منذ هذه اللحظه ت....
" مش يلا بقى وللا ايه " قالها على زوج منى و هو يربت على كتفها : " سيبىيه بقى يشوف الناس و الدنيا و يتعلم متخافيش مش هياكلوه يعنى "
القت منى نظرة اخيرة على احمد ثم ابتسمت لعلى كاتمة دمعة تكونت فى عينيها ثم تأبطت ذراعه و طبعت قبله على خده و انكمشت فيه قائلة "يلا يا حبيبى "
          --------------
يقف المهندس احمد على ذو الخمسون عاما فى قاعة الاستقبال الفسيحه فى الدور السفلى من فيلته الكبيره التى يعيش بها وحيدا متأملا ذلك البرواز العملاق الذى يقبع وحيدا على الجدار الامامى للقاعة, بعد حوالى نصف الساعة على هذا الوضع تحرك المهندس احمد اخيرا من ثباته ليخرج هاتفه و يقلب فيه متأملا مجموعه من الصور القديمه يظهر في اولها صورة له مع امه منى و وابيه على رحمهم الله امام بوابة مدرسته القديمه و قد بدت على جميع الوجوه السعاده اللهم الا من بعض القلق الواضح على وجه امه الرقيقه منى, انه يذكر هذه الصورة جيدا كان هذا اول يوم دراسى له بل يذكر ذلك اليوم جيدا كأنه البارحه و يذكر تلك القبله التى ارسلتها له امه عبر شباك الفصل و كم بدت قلقة و هى تطلب منه الا يخاف كم كانت رقيقة رحمها الله

تنهد احمد ثم مر باصبعه على شاشة الهاتف لتظهر الصورة التاليه و فيها مجموعه كبيره جدا من الاطفال تقترب من حوالى اربعين طفلا ضاحكين و ورائهم لافته تقول ( فصل اولى اول يرحب بكم ) و فى التى تليها مجموعه فيها حوالى 15 طفلا ملابسهم غير مهندمه و شعورهم منكوشه و قد بدأ بعض الزغب فى الظهور فوق شفاهم و و بعدها صوره اخرى لحوالى 12 شابا شعورهم طويله و يرتدون ملابسا غريبه كانت هى ( الموضه) وقتها و قد بدا على وجههم السعاده و الجموح و التمرد و كانوا مرتبين و مهندمين بطريقه ظاهره و بعدها صورة اخرى فيها 8 شباب  يبدوا عليهم المرح يرتدون بدلات قاتمه اللون يقذفون الشخص التاسع – الذى يبدوا من الصوره انه العريس- الى اعلى ثم صورة لاكثر من 200 شاب يلقون القبعات الجامعية الى اعلى فى يوم يبدوا انه يوم حفلة تخرجهم من الجامعه ثم صورة ل 8 رجال يبتسمون جالسين على (كبوت) عربية احدهم و قد ظهرت ( الدبلات ) اللامعه فى ايدى معظمهم ثم الصورة التاليه ظهر بها 3 رجال و معهم 3 نساء فى ملابس ( سواريه ) ثم ظهرت مجموعه من الصور للمهندس احمد وحيدا و هو يلقى خطبة فى احدى المؤتمرات الشهيره التى كان يذهب اليها دوما و اخرى لبعض الاشخاص مع عائلاتهم و اخرى لجنازة احدهم و اخرى لشخصا واقفا مع سيدة بدت زوجته اما برج ايفل الشهير و اخرى لشخص واقفا امام الاهرامات مع زوجته و اولاده

 كان من الملاحظ ان الوجوه هى نفس الوجوه فى كل الصور تقريبا و لكن فى مراحل عمريه مختلفه ربما يختفى وجه احدهم او يظهر وجه جديد و لكن الغالبيه العظمى كانت عاملا مشتركا فى كل الصور . اغلق احمد الهاتف و استلقى على تلك الكنبة الكبيرة المريحة فى ركن الغرفه و اطلق تنهيده طويله و استسلم لذلك الفيض من الذكريات الذى يقتحم عقله رغما عنه  , تذكر اصدقاءه الذين لم يبق منهم الا القليل فاندهش كيف آل الامر الى  هذا الوضع , رجع بذاكرته للبدايات, لسنين طويله جدا رجع لايام تلك الصورة التى كان بها اربعين طفلا فبدأ صياح الاطفال و ضحكاتهم المرحة بالتزايد داخل اذنية فظهرت ابتسامه على وجهه و اغمض عينيه و استسلم تماما للذكرى 

......يتبع 

لقراءة الجزء التانى :
اولى اوّل ابتدائى : ابتدائى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق