لقراءة الجزء الأول :
اولى اوّل ابتدائى : المقدمة
"ابتدائى " .........اذا دققت فى الكلمة تشعرك و كأنها بداية شىء او فى هذه الحالة بداية اشياء , بداية خمس سنوات نسبة البراءه بهم مائة بالمائة , بداية اصدقاء عمرك الذين كانوا يحملون جميعا اسم " احمد " بسبب وجودك فى فصل " اوّل " , بداية خوفك من الاستاذ حسين الذى كنت تعتبره كائنا اسطوريا يبيت فى المدرسه و ليس لديه اى حياة اجتماعية او اشياء اخرى يفعلها و وظيفته فى الحياه هى اخافة التلاميذ بتلك العصا الغليظه التى يحملها , بداية علاقتك بالبنات التى كنت تعاملهن ككل " الاحمدات " اصحابك فلم تكن تشعر تجاههن بمشاعر مختلفه , بداية عودتك لامك كل يوم لتقص عليها كل ما حدث فى المدرسه يوميا و كم " احمدا " جديدا اكتسبت اليوم, بداية شعورك بالخوف بسبب اقتراب حصة الاملاء او امتحانات الشهر
يتنهد المهندس احمد وهو ينظر الى الصورة مفكرا كم كانت
الامور بسيطه وقتها اذ كانت اقصى امانيه هى امتلاك تلك اللعبه التى يمتلكها "
احمد " صديقه, كان يخاف لحصة الاملاء او لامتحان الخط كان يحقد و يغضب و يفرح
و يبكى من اجل شىء واحد و هو اللعب و لا شىء غيره
حتى المذاكرة كان يؤديها حتى يصبح قادرا على اللعب لبضعة
ساعات قبل ان يأتى مسلسل التاسعه مؤذنا بميعاد نومه اليومى فتنظر له امه نظرة ذات
معنى ليذهب من نفسه ليغسل اسنانه و يتجه الى فراشه تطارده هواجس كثيره لانه لعب بالنار كثيرا
اليوم و تذكر كلمات امه " اللى بيلعب بالنار بيعمل ببى على نفسه يا احمد سامع
" فلا تبدد تلك الهواجس التى تصل لحد الرعب من الفضيحة التى ستنتظره صباحا
اذا بلل فراشه الا قبله تطبعها امه على
جبينه قبل ان ينام و تربيتتها على ظهره قبل ان ترفع الغطاء عليه حتى اذنيه حتى
" لا يهاجمه العو "
يضحك المهندس احمد إذ تراوده تلك الخاطرة قائلا و هو
يفكر كم "عوا " عليه ان يواجههم وحيدا الآن و لا يكفى معهم ان يرفع
الغطاء حتى اذنيه ....الله يرحمك يا ماما
كان متاكدا من شيء واحد ان الامور لن تكون
كالسابق مرة اخرى ....ابدا. تلك الابتسامات و التجمعات و ذلك الفيض من البراءه و
السذاجه, اين هو الان من كل اولئك " الاحمدات " , من سافر سافر و من مات
مات و من تزوج تزوج , بدأت دمعة فى الانزلاق على وجه المهندس احمد ليمسحها سريعا و
هو يجتهد فى اغماض عينيه و كأنه يحاول جاهدا الرجوع للمرحلة الابتدائيه متشبثا
ببراءه مرحلة الابيض الذى كان ابيض واضحا جليا و الاسود الذى كان ايضا اسودا واضحا
جليا , مرحلة ما قبل " الرمادى و لا شىء سواه" , سافر بخياله ليتذكر
" احمد حميد "
يبتسم الهندس احمد ابتسامه واسعه متذكرا اول شخص يقترب
منه لهذه الدرجه خارج نطاق امه و ابيه و
عائلته ...... لقد ترك كلا منهما جزء من روحه هناك .........فى المقعد الاخير ....
اولى اوّل ابتدائى
لم ينسه يوما حتى الآن فهو الوحيد الذى
لايزال يودّه من آن لآخر و هو اول صديق حصل عليه فى حياته كلها .انه يذكر كيف كان
قريبا منه لدرجة انه لم يكن يطيق الجلوس بجوار اى شخص اخر يلامس جسده جسده فى
المدرسة كلها سوى احمد حميد و يذكر كيف بكى فى يوم من الايام لان ام " حميد
" جاءت الفصل لتنقلهم من نفس المقعد بسبب الشكاوى المتكرره من المدرسين و كيف
رضخت السيدة لكل هذا البكاء و التوسلات بعد ان ابتسمت بداخلها لان لابنها صديق
يحبه كاحمد
يالله على صداقة الطفولة هذه, هى الشىء الوحيد
الاكيد فى هذا العالم, فهى البراءه الخام الكامله , صداقه فقط لأجل الصداقه لا
تشوبها اى مصالح او مطالب فقط روحان شفافتان بريئتان تلتقيان تتفاهمان تتحابان
تبقيان معا للأبد. روحان تتفقان على اشياء مثل مسلسل جرادنايزر و زلطه على شكل كرة
قدم و سنداويتشان يتبادلانها سويا و رمل
حوش المدرسة و على الاستاذ حسين الذى لم يختلف عليه احد و يختلفان على اشياء مثل
ايهم اقوى " الباور رينجرز " و من سيأخذ مسابقة اجمل فصل و من سيحصل على
" ستار " فى حصة اللغه الانجليزية و على الخط الفاصل بينهم فى المقعد
الذى يمتد احيانا ناحية اليمين او اليسار .
و لم يكن " حميد " هو صديق "
احمد " الوحيد فقد انضم للشله الكثير من " الاحمد " و بعض "
الابراهيم " و كم بنتا يحملن حرف الف فى مقدمة اسمائهن و كانوا يقضون معا
تقريبا عشرة ساعات كاملة يوميا ما بين المدرسة و الدروس الخصوصية و و الحفلات
المدرسية التى كان يشارك فيها " احمد " و " اسماء " دائما و اعياد
الميلاد
هنا بالذات يضحك المهندس احمد بصوت عالى متذكرا عيد
ميلاد " اسماء " عندما طبعت قبله على خده فى البلكونه ثم دخلت امها
فضربتها و لم يفهم هو وقتها لم ضربتها
و لكن بعدها بفترة فهم , عندما غطى الزغب ما
فوق شفته العليا و بدأ صوته يخشن ,عندما خلع
رداء الابتدائى الكحلى ليعطيه لاخوه الصغير و يرتدى هو رداء الاعدادى
العنّابى و والده يردد "كبرت و بقيت راجل فى اعدادى يا ابو حميد" ,
عندها فهم احمد لم ضربت والدة اسماء بنتها يومها
يتأمل المهندس احمد صورة الاربعون طفلا و يبتسم لها مره
اخرى كأنه يودعها ثم مرر المهندس احمد ابهامه على شاشة هاتفه ليرى الصورة التاليه
المليئه بالهرمونات و شارب اعدادى الاخضر ...... فيغمض عينيه و يسترخى و يغوص
يتبع ......
لقراءة الجزء الثالث
لقراءة الجزء الثالث